يعقد الأوروبيون والأميركيون، اليوم الاثنين، مشاورات في بروكسل حول ملفات عدة على رأسها الاستراتيجية حيال روسيا، حيث ينتظر فرض عقوبات جديدة على موسكو.
وعلى عكس الوضع الذي ساد في عهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، تتكثف المحادثات والتنسيق بين الأوروبيين وواشنطن منذ وصول جو بايدن إلى الرئاسة في الولايات المتحدة، في انعكاس لمرحلة جديدة من التعاون بين الطرفين، الذي كان شبه معدوم في ملفات عدة في السنوات الأربع السابقة، ولا سيما بشأن روسيا التي اعتمد ترامب سياسة المهادنة معها ومع رئيسها فلاديمير بوتين، وحاول مراراً التقليل من تداعيات سلوكها. ويعقد الأوروبيون والأميركيون، اليوم الاثنين، مشاورات في بروكسل بشأن الاستراتيجية حيال روسيا، فيما سيفعّل الاتحاد الأوروبي للمرة الأولى نظامه العالمي للعقوبات في مجال حقوق الإنسان ضدّ الكرملين، وفق ما أفادت دول عدة.
وسيردّ وزراء خارجية الدول الأوروبية على رفض موسكو بشكل قاطع مطالباتهم بالإفراج عن المعارض الروسي أليكسي نافالني، والإهانة التي تعرّض لها موفدهم وزير خارجية الاتحاد جوزيب بوريل، خلال زيارته إلى موسكو مطلع فبراير/شباط الحالي. وسينضمّ وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى مشاوراتهم في اتصال عبر الفيديو. وستُطرح في هذا الاجتماع ملفات عدة، من بينها عودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي الإيراني، والردّ على الانقلاب العسكري في ميانمار، وتعزيز الصين قبضتها على هونغ كونغ، وفق ما أفاد مصدر أوروبي. ومن المقرر أن يفرض الأوروبيون عقوبات على ميانمار، حيث أطلقت الشرطة الرصاص الحيّ، أول من أمس السبت، على متظاهرين في مدينة ماندالاي في وسط البلاد، ما تسبب بمقتل شخصين وجرح العشرات.
ورأى دبلوماسيون أوروبيون أنّ واقع أن وزير الخارجية الأميركي وافق على المشاركة في هذا الاجتماع فور تثبيت تعيينه هو بمثابة “مؤشر” مهمّ، وتعبير عن رغبة الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن بإحياء العلاقات مع الأوروبيين الذين كان يعتبرهم الرئيس السابق دونالد ترامب بمثابة “أعداء”. وستكون العلاقة الصعبة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في صلب النقاشات بين الدول الـ27 الأعضاء وبلينكن.
وقال دبلوماسي أوروبي لوكالة “فرانس برس”: “موسكو لن تتحاور مع الاتحاد الأوروبي، إنما فقط مع بعض الدول الأعضاء فيه. يجب أن نتصدى لهذه الاستراتيجية وأن نبقى موحّدين”. وشدّد على أن “مع زيارة جوزيب بوريل إلى موسكو، رأينا وفهمنا وسنستخلص منها دروساً، لكن ذلك ينبغي أن يحصل بشكل بارد ومنظم”. ولم تتقبل كافة الدول الأعضاء هذه النصيحة. إذ إن بعض الدول انتقدت بشدة بوريل، وطالب نواب أوروبيون من دول البلطيق ودول شرق أوروبا باستقالته.
ووُصفت زيارة بوريل إلى موسكو، أخيراً، بـ”المهينة”، إذ استغل وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مؤتمراً صحافياً مشتركاً للاستخفاف بالأوروبيين، كما قامت روسيا في الوقت نفسه بطرد دبلوماسيين أوروبيين. وعبّر ما لا يقل عن 10 سفراء أوروبيين عن خيبة أملهم من الكيفية التي تمت بها زيارة بوريل، وفق مذكرة دبلوماسية قال إنه اطلع عليها. ولم تسمح موسكو لبوريل بلقاء نافالني بعد أن أعرب عن رغبته بذلك للسلطات الروسية أثناء زيارته.
على وقع هذه الأجواء، يستمرّ التصعيد في مجال العقوبات، فيما تُمارس ضغوط على ألمانيا للتخلي عن مشروع أنابيب غاز “نورد ستريم 2” مع روسيا.
وكان طرح ليونيد فولكوف، أحد المعاونين المقربين من نافالني، أسماء مسؤولين من النخبة الحاكمة في روسيا وصحافيين مقربين من السلطة لفرض عقوبات عليهم. وعقد وزير خارجية ليتوانيا غابريليوس لاندسبيرجيس اجتماعاً مساء أمس الأحد، في بروكسل، مع فولكوف، كان دعا إليه جميع نظرائه في الاتحاد، ليعلن حوالى 12 وزيراً، بالإضافة إلى ممثلين عن سائر الدول في الاجتماع، مشاركتهم.
وسيتخذ الوزراء الأوروبيون اليوم قراراً بشأن التحضير لعقوبات جديدة، وتحديد الأشخاص والكيانات المستهدفة. وأكد دبلوماسيون عديدون لوكالة “فرانس برس” أن “اتفاقاً سياسياً (بشأن العقوبات) أمر مكتسب (محقق)”. وقال أحدهم إنه سيتمّ تبني العقوبات في القمة الأوروبية المرتقبة في 25 و26 مارس/آذار المقبل. وأعلن مسؤول أوروبي أنّ الأوروبيين سيفعّلون للمرة الأولى نظامهم العالمي الجديد للعقوبات في مجال حقوق الإنسان (اعتمده الاتحاد نهاية عام 2019، ويشمل عقوبات أشد قوة بحق منتهكي حقوق الإنسان).