يخطو العراق اليوم بخطوات هادئة نسبيًا نحو دخول عالم “المفاعلات النووية”، للاستخدامات السلمية، والتي تتلخص بشكل أكبر بانتاج الطاقة الكهربائية، الملف الاكثر تعقيدًا الذي يعاني منه العراق منذ عقود، الامر الذي يطرح تساؤلات عن فائدة هذا المفاعل وماسيوفره للبلاد خصوصا على صعيد الطاقة الكهربائية.
شروط معقدة لاختيار الموقع.. 20 موقعًا مرشحًا
وبداية، اعلنت الهيئة العراقية للسـيطرة على المواد المشعة اليوم الخميس، أن اللجنة الوطنيـة للمفاعلات النووية بصدد دراسة 20 موقعاً مرشحاً لإقامة المفاعلات النووية في العراق.
وقال رئيس الهيئة كمال حسين لطيف إنه “تــــم تحديد 20 موقعــــاً أوليا لغاية الآن، ومن ثم ســــيتم اســــتخدام طرق الاسقاطات العلمية المعتمدة عالميــــا لاختزالها إلى 5 مواقــــع بعد ذلك يتم تحديــــد اثنــــين منهمـا فقط واحـد اصيل والآخر بديل”، مشيراً إلى أن “عملية الاختيار تمــــت بطريقتين علميتين دقيقتين من خلال معادلات تفاضلية وترجيحية، الأولى طريقة (كيني)، والثانيـة طريقة (سايت) أو القيمة المفردة، وباســــتخدام نظــــام ArcGis”.
وأكد، “قرب الانتهاء مـن التقرير الخاص باختيار الموقع وإرساله الى مكتب رئيس الوزراء”.
واضاف، ان “الاختيار يعتمد على مرحلتين بنفــــس الاهداف ولكــــن لكل مرحلــــة تكون الدقة اعلى لتقليص اعداد الاراضي المنتخبة وصولا لتحديد الموقع بشــــكل ادق ثم هناك مرحلــــة اخيرة وهي التقييــــم الامني”، مبيناً أن “المرحلــــة الأولى تشــمل الاهــــداف الفنية ومتطلبـات الاختيــــار والتقييــــم والنظر في موضوعات التوزيع الســكاني الذي يفضل أن يكون اقرب تجمع سكاني يبعد 2،5 كيلو متر من الموقع وان لا يزيد عدد الســكان في تلك المنطقة على 500 شخص في الكيلو متر المربع الواحد، وان لا يزيد التجمع السـكاني على 65 الف نسمة على بعد 30 كيلو مترا”.
وبيّن لطيف، أنه “بخصوص الطبيعة الزلزالية للمنطقة والهــــزات الارضية فيجب ان تكون الارض خاليــــة من الصفائــــح التكتونية ولم تســــجل اي هزة ارضية اكثــــر من 2 ريختر خلال الـ 50 سنة الماضية، كما يجب ان تكون ارضا منبسطة وتربة ثابتة غير منجرفة مع الســيول ولا يوجد ارتفاع او جبل او هضبة كبيــــرة او واد لمسـافة 20 كيلــــو مترا عن الموقع لان الارتفاعات مع الامطار قد تسبب انجراف سـيول عارمة من المياه على الموقع كما يفضل ان لا يزيد ارتفاع الموقع عن 350 مترا فوق مستوى سـطح البحر لحسابات غليان وتبخر مياه المفاعل”.
مافائدة المفاعل كهربائيًا؟
يعتمد العراق بانتاج معظم طاقته الكهربائية من المحطات الكهربائية العاملة على الغاز، والذي يصرف العراق مليارات الدولارات سنويًا على انتاجه واستثمار بعضه، وحرق الاخر، واستيراد كميات اخرى من ايران، لتوفيره ومن ثم تشغيل المحطات الكهربائية.
يرى الخبراء الاقتصاديون على هذا الاساس ان العراق يخسر ليس فقط الغاز الذي يحرقه دون استثمار، بل يخسر حتى الغاز المستثمر الذي يحرقه لتوليد الطاقة الكهربائية بدلا من الاستفادة منه عبر بيعه وتصديره.
وبينما يحتاج العراق لنحو 2.5 مليار دولار سنويًا لشراء الغاز الايراني لتشغيل محطاته الكهربائية، تعادل هذه الكلفة، بناء محطة نووية بقدرة 1 كيكا واط.
وتعد المحطات الكهربائية العاملة على الغاز مكلفة بنسبة كبيرة مقارنة بالطاقة الكهربائية المتولدة من المفاعل النووي، وتشير بعض التقارير الى انها قد تصل الى مايفوق الـ15 ضعفًا.
وعلى سبيل المثال فأن الكيلو جرام الواحد من اليورانيوم قادر على إنتاج كمية من الطاقة ما يعادل حرق 20 ألف كيلو جرام من الفحم الحجري، فضلا عن مايترتب على هذا الامر من انبعاثات كاربونية ضارة هائلة على خلفية هذا الحرق، وبفعل رتفاع أسعار الغاز الطبيعي ووصوله إلى حدود 10 دولارات لكل مليون وحدة حرارية واستمرار تصاعد أسعار النفط ووصولها إلى حدود 70 دولارا للبرميل جعل من الطاقة النووية طوق نجاة لكثير من دول العالم، حتى اعتبرت بعض هذه الدول أن حصولها على التكنولوجيا النووية أصبح أشبه بقضية وجود أو عدم وجود.
وبالحديث عن الغاز الذي يعمل العراق على انتاج كهربائه منه، فإن تكلفة الإنتاج بواسطة الغاز والنفط، وصلت إلى نحو ثمانية سنت لكل كيلووات ساعة، أي أكثر من تكلفة الإنتاج بواسطة الطاقة النووية بنحو خمسة أضعاف، يعني وبالاعتماد على بيانات البنك الدولي الذي يؤكد تكبد العراق 2.5 مليار دولار وفي حال تقسيم هذا الرقم على 5، فإن العراق سيحتاج لتوليد نفس الطاقة الكهربائية المتولدة من استيراد الغاز الايراني، بـ500 مليون دولار فقط، مايعني تخفيض الكلفة 80%.
المصدر : مواقع الكترونية