اكد رئيس الهيئة الادارية لمنتدى بغداد الاقتصادي الاستاذ فارس آل سلمان ان “حل مشكلة نقص انتاج الكهرباء في العراق يتطلب التوجه صوب محطات الطاقة النووية الصغيرة والتي تتميز بانها اقل تكلفة وسرعة في الانجاز واكثر امانا”.
واضاف آل سلمان ان “العراق يحتاج الى ستراتيجية تقر من الحكومة بثلاث مديات قصيرة ومتوسطة وطويلة الاجل، تتضمن تنوع مصادر انتاج الطاقة المتجددة ضمن الامكانيات المتاحة في البلاد، ومنها الطاقة الشمسية والطاقة النووية وطاقة الرياح، غير ان العراق فقير في الرياح، الا في بعض المناطق الغربية والشمالية الغربية”.
واشار الى ان “التوجه الاهم الذي يجب ان يحضى بالاولوية، ومعتمد كخيار عالمي حديث هو بناء مفاعلات نووية معيارية صغيرة تمنحنا سرعة في الانجاز ومرونة بتوزيع الانتاج وبكلف انتاج طاقة ذات جدوى اقتصادية، فضلا عن نسب تلوث صفر وامان عالي، كما يمكن انشاء وحدات طاقة نووية عائمة لانتاج الكهرباء وبذات الوقت تقوم بتحلية المياه، وهذا النوع من المحطات يخدم المناطق الساحلية ومنها مدينة البصرة”.
الجيل الثالث ولفت آل سلمان الى ان “العراق تبنى مؤخرا فكرة انشاء 8 مفاعلات نووية لانتاج 8000 ميغاواط من الطاقة الكهربائية، اذ يسعى الى انشاء محطات نووية تقلدية من الجيل الثالث”، لافتا الى ان “هذه الخطوة تحتاج الى التريث في الوقت الحاضر، بسبب ظهور تقنيات احدث تتمثل بمحطات نووية صغيرة مرنة و اكثر كفاءة واقل كلفة وذات امان عالي مع نسبة منخفضة من احتمالية التلوث الاشعاعي”.
وقال: ان “العالم شهد مؤخرا ظهور جيل جديد من المحطات المعيارية الصغيرة SMR مصممة لتكون اقل خطورة، فضلا عن انها ارخص واسرع كثيرا في انشاءها وفي دخولها في الخدمة (الانتاج التجاري)، حيث نجحت روسيا في عام 2019 بربط مفاعل نووي صغير بشبكة الكهرباء”، مشيرا الى ان “المحطات (المفاعلات) النووية المعيارية الصغيرة اصغر من المحطات النووية القياسية التقليدية، اذ تنتج ما بين 50 – 300 ميغاواط، يمكن دمج العديد من منها في محطة كبيرة”.
التكلفة الإنشائية وعن تكاليف هذة النوع من المحطات المتخصصة بإنتاج الكهرباء قال: ان “التكلفة الإنشائية للميغاواط في المحطات النووية المعيارية الصغيرة تبلغ 5 مليون دولار وتعد تكلفة إنشاء مرتفعة مقارنة بتكلفة انشاء المحطات الحرارية”، مؤكداً “انخفاض هذه التكلفة كثيراً عند احتساب التكاليف التشغيلية ( التشغيل التجاري) والتي تكاد تكون معدومة بالمقارنة مع المحطات الحرارية على المديين المتوسط والبعيد خصوصا اذا ما قورنت باسعار الوقود الاحفوري السائدة حاليا”. يذكر ان الدول التي تعتمد على الطاقة النووية في انتاج الكهرباء تنتج 75% من حاجتها عبر المحطات النووية، في حين تشكل الكهرباء المنتجة من المحطات النووية 10-13 ٪ من انتاج الكهرباء في العالم. انتاج الكهرباء وكان العراق في طليعة الدول العربية في تبني مشروع انتاج الكهرباء باعتماد الطاقة النووية منذ عام 1976 وكانت إيران تسعى خلفه مباشرة بذات التوجة لكن الحرب بين البلدين خلال الثمانينات حالت دون ذلك. و تخلى العراق عن المشروع عام 1991 بسبب الحصار في حين استمرت ايران في سعيها ونجحت بربط محطة بوشهر النووية بشبكة الكهرباء الوطنية الايرانية عام 2011.
وتابع آل سلمان قائلا: ان “المحيط الإقليمي للعراق يولي المحطات النووية اهتمام كبير حيث تبنت الإمارات ألعربيه المتحدة مشروع طموح لإنتاج الكهرباء من المفاعلات النووية وتبعتها كل من مصر والسعودية وتركيا، اما الكويت والأردن فمازلا في طور التخطيط. المفاعلات المعتدلة يذكر انه في نهاية عام 2020 كان 90 % من قدرة الطاقة النووية التشغيلة عالميا تتالف من انواع المفاعلات المعتدلة والمبردة بالماء الخفيف، وان %67 من اجمالي قدرة المفاعلات التشغيلة اي ما يعادل 256 غيغاواط تنتج عبر 296 مفاعل تعمل منذ اكثر من 30 عام، في حين ان 20 % من القدرة النووية التشغيلية العالمية تنتج عبر 104 مفاعل تعمل منذ اكثر من 40 عام وان 1 % منها تعمل منذ اكثر من 50 عام، وهذا يعني ان العالم سيحتاج الى محطات نووية جديدة و بديلة و حتما سيتجه الى المفاعلات الصغيرة لكونها اقل كلفة واسرع بناءاً واكثر اماناً، على سبيل المثال فأن سفينة تكسير الجليد المزودة بمفاعلين نووين تسير لمده 100 يوم تستهلك 15كغم من اليورانيوم في مقابل سفينة عادية تحتاج 30 الف طن من وقود الديزل للفترة ذاتها.
الوقود الاحفوري ولفت الى ان “المفاعلات النووية (المحطات النووية) القائمة في الخدمة فعليا 443 مفاعل في العالم، تمتلك اميركا 96 مفاعل منها وهناك مفاعلين تحت الإنشاء و 8 مخطط أنشأها، في حين تمتلك فرنسا 58 مفاعل واليابان 48 مفاعل وروسيا 38 مفاعل”، مؤكدا على ان “المحطات النووية العائمة تجنب البيئة استهلاك قرابة 200 الف طن من الفحم و 120 الف طن من الوقود الاحفوري سنويا”، مشيرا الى ان “العالم يشهد الان إنشاء 53 وحدة نووية كبيرة، منها 18 وحدة في الصين، حيث تمكنت في الوقت ذاته من توسيع قدرة طاقة الرياح بأكثر من 70 غيغاواط والطاقة الشمسية بنحو 50 غيغاواط في 2020 فقط. و يوجد الان ايضا 160 مفاعل صغير بتقنيات حديثة تحت الانشاء (بضمنها تلك التي احيلت عطائاتها وسيشرع قريبا بانشائها)”.
خطط تشغيل وعرج آل سلمان على تجارب عالمية وقال: ان “الصين تعمل على انشاء مفاعلات نووية كبيرة واخرى صغيرة وتخطط لتشغيل اول مفاعل صغير لها في مدينة هايناين 2026، كما ان الحكومة البريطانية تخطط لبناء 16 مفاعل صغير من تصميم رولز رويس، اما اميركا فأن اول مفاعل صغير فيها سيدخل الخدمة عام 2029. كما قررت حكومة كوريا الجنوبية تلبية متطلبات الكهرباء للمنازل ومواجهة النمو بالاستهلاك فضلا عن خفض تكاليف الانتاج للشركات الصناعية، بناء مفاعلات نووية جديدة صغيرة ، برية وعائمة باعتماد تقنيات متطورة لانتاج الكهرباء مثل تقنية مفاعل الملح المصهور المضغوط”.
واكد آل سلمان ان “العراق يحتاج الى انتاج الطاقة الكهربائية من مصادر رخيصة، في وقت نجد ان اغلب المحطات الحكومية الرئيسية تعتمد على الهيدروكاربون كوقود والذي اصبح من الاجدى اقتصاديا بيعه بدلا من حرقه كوقود. فضلا عن كون هذه المحطات قد وصلت الى نهاية عمرها الافتراضي، وباتت صيانتها مكلفة وتشغيلها غير مجدي اقتصاديا بسبب ارتفاع اسعار الوقود والذي بدوره سيرفع كلفة انتاج الكيلواط/ساعة
المصدر : وكالة انباء ANA NEWS